لا تغيب عن أحدنا الصور الحياتيه التي صورتها كتب التاريخ لنا عن الحياه في مكه قبل بعثه محمد صلي الله عليه وسلم . لم تكن مكه بؤره فساد ، كما أنها لم تكن قطعه من الجنه . ولأنها كانت مزار لكل أهل الجزيره العربيه و العالم كله في ذلك الوقت . فقد كانت مطمعا لصاحب الفيل الذي جاء من أقصي الأرض ليهدم ذلك البيت الذي يقدسه العرب . ولأن الجبال ذات الطبيعه القاسيه ، تحيط بها من كل الجوانب فجعلت ممن يعيشون بها ذو طبيعه تتلائم مع قسوه هذه الجبال.
تحكم هؤلاء مجموعه من القيم والأعراف التي تعارف عليها الناس فيما بينهم ، ولم تكن هذه القيم والأعراف مدونه (مكتوبه ) بل كانت محفوظه في عقول وصدور مجموعه من الحكماء ، و ينشرها الشعراء بين الناس . ويتباري الناس و يتنافسون في تقديم أحسن ما عندهم من إكرام للضيف و الزود والدفاع عن العرض والنفس و المال. والجميع يتنافس ويتصارع و يتقاتل علي الصداره ( القياده ) الزعامه ...لها اسماء كثيره عندهم في ذلك الوقت . ومن أجلها يبذل كل شيئ .
ومن دعائم القياده القوه التي تحفظ النظام فلجأ القوم الي ( القوميه )التي يتناصرون بها . وتوزعت السلطات و الزعامات بين اهل مكه كما كانت تملي عليم طبيه المكان و معادن الرجال .
و يستمد هؤلاء القوم قوتهم من الرياده الدينيه بحكم جوارهم لبيت الله الذي تحج اليه رجالات الأرض . وكانت لقريش حياتها التي تنعم بها دون ان تدين لشرق ولا غرب و لا فرس ولا روم ...حتي في مكه لم تكن قريش تدين لإله واحد ...بل جعلته آلهه ...اللات و العزي وإساف ونائله ...الخ
في بوتقه الأيام تنصهر الرجال كما تذوب و تضيع الحقائق تحت قهر السلطات الطاغيه الباغيه ...وطموحات الانسان المليئه بالشهوات و الهفوات .
قليلا من الوقت لنعيش مع صاحب الفيل و ماذا أراد؟